الأدباء تحاور روايات اليافعين في المشهد البحريني

نظمت إدارة مختبر سرديات البحرين فعاليتها المميزة تحت عنوان (( صعود روايات اليافعين في المشهد السردي البحريني )) بأسرة الأدباء والكتاب في بادرة جميلة تسلط الضوء على أدب اليافعين ومدى تطور هذا الجنس الأدبي في الخليج العربي بشكل عام وفي مملكة البحرين بشكل خاص ..
يأتي ذلك تماشياً مع التقدم الأدبي والمعرفي الحاصل في مجال الكتابة السردية والذي ينهض بمستويات الكتابة المختلفة مرتقياً بها نحو جهدٍ أعلى يصب في صالح القارىء على إختلاف الأعمار ..
ومن هنا كانت لنا وقفة مع الناقد فاضل الكعبي وهو كاتب وناقد في أدب الطفل واليافعين له عشرات الكتب في هذا المجال .. له خبرة طويلة في الكتابة والتأليف وتقديم الدورات لأدب الطفل واليافعين..
وقد أشار إلى تعدد الأساليب السردية والروائية لروايات اليافعين لما لها من أداء فني في معيار كتابتها الروائية عبر إستعراض مجموعة من هذه الإصدارات البحرينية والتي أتت لتدفع عجلة الأعمال الروائية البحرينية لما لها من أثر واضح في مسارها الكتابي والفني والجمالي ..
إذ أنها تحتوي على محفزات عديدة للإنطلاق في المهارات الكتابية وفي البناء السردي المحكم للرواية السردية المتكاملة الأمر الذي يجعلنا بشوق نتابع صناع هذه الأعمال في أعمالهم القادمة ..
وقد تطرق الناقد إلى بعض هذه الروايات عبر تعقيب سلس ووافي لما قد قرأه منها :
1- رواية ((أريد أن أكون راوية )) للكاتب جعفر يعقوب والذي أشار إلى تحسس الجودة في متونه السردية وفي لغته السردية من خلال الفكرة المحبكة والدلالة والصياغة فضلاً عن إمتيازه بلغة شاعرية وخيال مدهش .. تمكن من إثباته كذلك عبر روايته الأخرى ((عطر المسيح ))
2- رواية ((قلوب من حلوى)) للكاتب حسين خليل وهي رواية تحمل سرد ممتع ومشوق ..
3- رواية ((مشي سريع)) للكاتب حسين خليل والذي من خلالها وظف الكاتب العديد من الدلالات التربوية في المشهد السردي توظيفاً رائعاً منوهاً على التربية الأسرية وهي تمثل جانب مهم يجب أن تنتبه له الأسرة في الحفاظ على سلوكيات الأبناء مضيفاً جانب كوميدياً أضفى على الرواية جانب من اللطافة علاوة على إمتيازها بأسلوب التشويق ..
4- رواية الكاتب جعفر الهدي والتي حملت عنوانين هما (( السماء تمطر قططاً)) و ((البحث عن جزيرة القطط )) إذ أن كلاً من العنوانين المذكورين لهما مدلول على فكرة الرواية .. وتبرز هذه الرواية قدرة الكاتب في إدارة الأحداث لما لها من تشويق وإثارة مع إحكام السيطرة على مفاتيحه السردية .
5- رواية ((الطفلة التي زارت مجرة الأقزام )) للكاتب جعفر الهدي والذي بدأها الكاتب بأسئلة عن الكون وشكله ومنظومته و البعد الميتافزيقي له ومدى قدرة البشر على المعرفة عن بعد .
6- رواية ((يوميات ديما)) للكاتبة شيماء الوطني .. حوت هذه الرواية على سرد ممتع وسلس ومشوق ..وهي في مضمونها أقرب لتجنيس السيرة من تجنيس الرواية .. موضحاً القدرة الفنية الجميلة و المتماسكة في السرد والبناء والخيال للكاتبة .. إذ أنها نجحت بإعطاء لغتها السردية أبعاد متعددة كما تمكنت من إشاعة العديد من الأساليب التربوية منها بث رسائل صحية متنوعة ..
فضلاً على نجاحها في تطعيم سردها ببعض الإشارات لقصص عالمية كثيرة في إشارة منها لأهمية القراءة فالكاتبة هنا تستخدم وسيلة القصص وأفكارها للتعبير عن دلالات تريد إيصالها للملتلقي وهو جانب حسن ومهم ومطلوب في السرد الروائي لفئة اليافعين .. وقد عالجت الكاتبة مواقف الرواية بكتابة وسرد موفق عبر عن قدرة سردية عالية ..
7- رواية (( سر البانوش المهجور )) للكاتب أحمد المؤذن وهي رواية غايتها معالجة ظاهرة الإدمان على الألعاب الإلكترونية وآثارها على الأطفال اليافعين وقد نجحت الرواية في طرح هذه المشكلة ومعالجتها ..

ونوه أ.حسين خليل عبر تقديمه لهذه الأمسية بأن المتتبع لحركة النشر في مجال الكتابة لليافعين لن يلاحظ وجود روايات لليافعين قبل عشر سنوات ربما تكون موجودة لكن غير ملاحظة لكن في السنوات الأخيرة برز منحنى متصاعد لإنتاج هذه الروايات ربما بمعدل خمس روايات في العام تزيد قليلاً أو تقل وهو على مستوى الوطن العربي .
إن الصعود بشكل عام في الوطن العربي وبشكل خاص في البحرين هو صعود كمي يستدعي طرح تساؤل مهم حول مواكبة هذا الصعود الكمي للصعود من ناحية النتاج ..
وأشار أ.حسين إلى أن لفئة اليافعين وهي من عمر 12 - 18 سنة مميزات خاصة تتطلب إنعكاس على النتاج الموجه لهم يأتي على سبيل المثال من خلال جمل قصيرة تستحوذ إنتباه المتلقي بشكل مستمر وقد أهتم مختبر سرديات البحرين بهذه الفئة المعنية ليسلط الضوء على هذا النوع من الأدب .. حيث أن هناك رؤية لجعل أدب اليافعين منفصل عن أدب الأطفال وعن أدب الكبار ..
وبالعودة إلى المتحدث أ.علي الفردان وهوكاتب وشاعر له ديوان شعري ومجموعة قصصية ..يحمل شهادة توتماستر .. مهتم بالخطابة والكتابة النقدية للقصص والروايات وله قراءات نقدية في الصحافة والمجلات العربية في النتاج البحريني والعربي ..
تطرق أ.علي الفردان إلى الرغبة اليوم في تحديد وفرز أدب لليافعين حيث أن العالم العربي تعرف على أدب اليافعين عبر الترجمة من الروايات العالمية المختلفة كرواية توم سوير و رواية هاري بوتر فلم تكن المكتبات تضم كتباً لليافعين ومع بداية الألفية ظهرت كتب اليافعين ثم أخذت النصوص العربية تتوالى لصالح هذه الفئة ومن هذه الروايات :
رواية الملجأ للكاتبة صفاء إدريس
رواية هروب صغير للكاتبة صفاء طبالة
رواية كابتشينو لفاطمة شرف الدين
وأشار في ورقته النقدية الخاصة إلى أهم المحاور التي تم تناولها في هذا الصدد وهي :
1- إشكالية التسمية : هناك اضطراب بتسمية هذا اللون من الأدب وتحديد الفئة المستخدمة فمنهم من يطلق عليه أدب الشعر أو أدب المراهقين أو يجمع بينهم .. وكذلك العمر فالبعض قد حدد فئة اليافعين بمن هم من عمر 12-16 سنة .. والبعض حددهم من 12-18 ..
هذا التفاوت في العمر والتسمية يضعنا في إشكالية من ناحية النقد والتجنيس ففي معاجم اللغة كلسان العرب فإن اليافع هو الذي أشرف على البلوغ وفي علم النفس التربوي مرحلة المراهقة تقع بسن 12-24 سنة ..إذاً هذا الإختلاف يؤكد الحاجة لضبط التعريف وحدوده ..
مع الملاحظة بأن الناشر الغربي يشير للفئة العمرية المستهدفة للكتاب وهو يخرج نفسه من هذه الإشكالية ولكن في كتبنا لا نتطرق لذلك .. ولا يذكر الكاتب عمر حتى بطل الرواية إنما يتم إستنتاجه من القراءة .
2-مرئيات الكتاب أنفسهم حول قضايا الكتابة لليافعين : أجمع الكتاب الذين خصهم أ.علي الفردان بهذه الدراسة في إتفاقهم مع هذا التقسيم واشترطوا شروط منها مراعاة الخصائص البيلوجية والنفسية لليافع ومعايشة هذه الفئة في تفكيرها ونفسيتها التي غالباً تتسم بالإضطراب وتوخي الحذر فيما يصلح وما لايصلح لليافعين ومراعاة ما يملكون من معلومات وأدوات في هذا العصر وضرورة خلق وعي ثقافي نحو العلاقات السامية والمبادىء اللغوية وتجنب اللغة المتدنية ..
مشيرين إلى أن الدوافع في الكتابة لهذه الفئة تتمثل في وجود كم كبير يخص هذه الفئة من أفكار ورؤى يجب إيصالها وبعض الكتاب قريبين لهذه الفئة كونهم معلمين ومربين لديهم حب لهذه الفئة خلق الرغبة في الكتابة بينما يستمتع البعض الآخر بهذا الأمر وهي تجربة مثيرة ..والبعض أشار إلى تحفيز دور النشر على الكتابة لفئة اليافعين .
ويتجسد التحدي للكتاب في كون هذا الجنس الأدبي يخاطب فئة تقف على سطح ساخن وهي فئة مغامرة تحتاج الكتابة فيها لجرأة .
أما عن الصعوبات التي واجهتهم فقد كان الوقت أكبر تحدي للكاتب بشكل عام ومن الصعوبة أن تعود يافعاً وتعيش عالمهم وتكتب ما يريدون وما لايريدون فضلاً عن ضرورة الإلمام بتقنيات الكتابة لهذه الفئة والإطلاع على التجارب العالمية ..
و عن خصائص الكتابة لليافعين .. فإن الكاتب يعود لعالم آخر عاشه في فترة زمنية معينة من قبل لكنه مختلف في الفكر والأدوات والآمال والطموح فالكتابة لهذه الفئة من السهل الممتنع وتحتاج للرجوع لعلم النفس ولغة سهلة الفهم وتحتوي على قدر من التحدي والتشويق و الخيال والمغامرة ..
وفيما يخص إغراء الجوائز للكتاب والناشرين فإن الجوائز الأدبية لها سلطتها على المشهد الأدبي وهي دينامو يحرك الكاتب ودور النشر وأدب اليافعين لا يخرج عن هذا المبدأ .. في كون إكساب الفئة الناشئة أهم بكثير من الجوائز .. بينما يرى البعض أن عالم اليافعين محفز لوحده للكتابة ..
3- إنطباعات الكاتب بشكل عام حول الصعود في المشهد : يجد البعض أن هناك إقبال كثير على الروايات المثيرة في أدب الجريمة بينما يرى البعض أنها إشكالية ثقافة مجتمعية وفي ظل إغراء كرة القدم ووسائل التواصل المجتمعي لن تكون القراءة في المقام الأول .. فالقارىء العربي يقع في حيرة بسبب أنه يفضل إختيار الكاتب قبل المادة ويعزو ذلك في تسلط مواقع التواصل الإجتماعي في إبراز بعض الشخصيات حتى لو كانت غير مؤهلة ..
وأقترح الكتاب إقامة فعاليات مفتوحة تجمع اليافعين بكتابهم و دعم أندية القراءة من قبل المؤسسات وتوفير دعم إعلامي وصحافي ينشر المنجز الأدبي لليافعين وتشريع قانون يحمي المؤلف من الإستغلال من دور النشر والمكتبات .
وقد أشار الأستاذ كريم رضي عضو مختبر سرديات البحرين ورئيس اللجنة الثقافية بأسرة الأدباء والكتاب .. شاعر وناقد وقاص مثل مملكة البحرين في العديد من المناسبات والمهرجانات العربية له 3 دواوين شعرية آخرها اسمه كلام أقل صدر في 2022 إلى وجود إلتباس كبير في التصنيف بين ما إذا كان المقصود هو الأدب الموجه لليافعين أم الأدب الذي يتكلم عن اليافعين .. الأدب الموجه للأطفال أم الذي يتكلم عن الأطفال..
فالأدب بشكل يجب أن يتكلم عن فئة أكبر من الفئة المستهدفة و الملاحظ أن كل أبطال روايات اليافعين أنهم من اليافعين من عمر 14 أو 16 أو أقل ..
إن الطفل أو اليافع يفكر في القدوة ولا يفكر في المثيل .. وهناك فرق فمعظم الروايات التي تكتب عن اليافعين تخلو من الإثارة لإنها لم تقدم لليافع شيء فوق عمره أو تخلق له أي نوع من التحدي ..وعنصر التحدي هو عنصر مهم بين العمر الذي تخاطبه وبين العمر الذي تتحدث عنه ..
فالمغامرة مفقودة إذا تحدثنا عن نفس العمر.. يجب أن تقرأ لعمر أكبر لخلق المغامرة ..
ونوه إلى أن الكاتب البحريني مهووس بالموانع الأخلاقية فلا يوجد عمل واحد لليافعين يتكلم عن الحب ..و هذه النقطة مهمة جداً إذ أنها تدخل الكاتب في حالة توخي الحذر لكل كلمة يكتبها ..
علاوةً على ضرورة أن يكون وراء الكتابة أساس فلسفي .. فالكاتب يجب أن يكون مطلعاً على التراث الفلسفي العالمي الذي بدوره يخلق البعد الذي يعالجه الكاتب في الرواية ..
كما في رواية مباريات الجوع التي تطرق إليها في كون أن الكاتبة أطلعت على التراث الروماني ..
وكذلك بالنسبة إلى الأغلفة المختارة لروايات أدب اليافعين أيضاً يتضح أنها ليست ذات إهتمام كبير فقد تكاد تكون لأدب الأطفال أكثر من كونها لليافعين الذين رؤيتهم أكبر من ذلك فالكاتب هنا أمام تحدي أكبر ..
وتعد النقاط سالفة الذكر هي أهم ما أكد عليه الكاتب كريم رضي من خلال طرحه :
1-موضوع السن الذي يتمثل في وجوب النظر لمرحلة أعلى فشخصيات العمل في مرحلة اعلى من الذين يكتب إليهم الكاتب .
2-الموضوع الأخلاقي التي تحدد الكتابة
3- الأسس الفلسفية للكتابة
أمسية قضيناها في رحاب أسرة الأدباء والكتاب تحت إدارة أ.حسين خليل حضر الأمسية العديد من الكتاب والنقاد والمهتمين في الشأن الثقافي والأدبي 🌺🌺🌺