الجاثوم: المخاوف الكابوسية في الخيال الشعبي

بقلم: تشارلوت روز ميلر*
في عام 1781 رسم الفنان (هنري فوسيلي) (1) لوحة اشتهرت باسم (الكابوس). تصوّر اللوحة امرأة على السرير مستلقية على ظهرها، عيناها مغلقتان، تبدو شبه نائمة، أو أنها مستغرقة في نشوة عميقة.
ترتدي المرأة رداءً ملتصقاً بجسدها، في حين ينسدل شعرها على طرف السرير. نرى في الصورة مخلوقاً بشعاً، أسود البشرة، يجثم على صدرها، ويحدّقُ، بشكل مقلق، فينا. ونرى فرساً مبتسماً يطلّ من وراء الستارة، ليعزز عندنا فكرة أن ما نراه ماهو إلا كابوس، ناجم عن شيطان، أو مخلوق ما، جاثم على صدر المرأة.
إن تصاوير وأوصاف "الجاثوم" (2) كانت موجودة قبل لوحة (فوسيلي) بوقت طويل، ولا يزال يتردد صداها حتى يومنا هذا. لكن ماهو "الكابوس" تحديداً؟.
عندما نصف "الكابوس" بهذه الشروط، تعطينا التجارب معنى مختلفاً تماماً عن كونه نتيجة لحلم مخيف، أو نوم مضطرب. في حين أن "الكابوس" يشير تحديداً إلى تجربة محددة واحدة وهي أن النائم يتعرض في نومه إلى شيء ما ثقيل يجثم ويضغط على صدره، ويمنع عنه قدرة التحرك أو النطق.
وأولئك الذين عانوا من "الكوابيس" واجهوا تجربة الشعور بثقل على الصدر، شعور أن يكون في كامل وعيه ويعي ما حوله، وإن كان نائماً في نظر الآخرين. لكنه لا يستطيع تحريك طرف واحد من أطرافه، ويصاب بالخوف والتوتر وبنوعٍ من الهلوسة البصرية أو السمعية والخوف من الموت.
ويحدث "الكابوس" في كثير من الأحيان عندما تكون الضحية مستلقية على ظهرها، وهذا ما أظهره (فوسيلي) في لوحته الشهيرة (الكابوس).
هذه التجارب وُصفتْ بأنها (الجانب المظلم) من الأحلام، الذي يجعلنا نغوص في أعماق ذواتنا الداخلية.
فيما مضى كان من المألوف جداً عزو حدوث "الكابوس" إلى الشيطان أو السحرة. وفي الواقع بدأ اهتمامي لأول مرة في هذه المحن الليلية أثناء بحثي في كتب السحر الإنجليزية في القرن السابع عشر.
بالنسبة للبعض كان "الكابوس" يمثل شيطاناً جنسياً مثل الحضون(3) أو السكوبوس (4)، وللبعض الآخر عززت الهلاوس الناجمة عن "الكابوس" الاعتقاد بأنهم كانوا يتعرضون للتعذيب من قبل ساحرة تعيش في الجوار.

لكن هذه المواجهات الكابوسية لم تقتصر على وقتنا المعاصر، بل إنه من المدهش أن المؤرخين وعلماء الأنثروبولوجيا وعلماء النفس وجدوا تشابهاً بين الكوابيس المعاصرة وتلك التي تمتد إلى 2000 عام من تاريخ البشرية. وقد دفعت هذه النتائج العديد من المؤرخين إلى وصف "الكابوس" بأنه شكل من أشكال "شلل النوم"، وهي حالة بيولوجية يبدو أن لها نفس الأعراض أو مشابهة للغاية مع تلك التي تصاحب أعراض "الكابوس" في وقتنا المعاصر.
وهذه النتائج أدت إلى وصف "الكابوس" بأنه ظاهرة "متصلة بكل البشر" وبإمكانها تجاوز الزمان والمكان، والكشف عن المخاوف الثقافية المتغيرة. وكان الخوف هو العنصر الأساسي في جميع التجارب الكابوسية المعاصرة والمبكرة.
في عام 1753 نشر الطبيب الإنجليزي المعروف جون بوند JOHN BOND مقالة عن (الحاضنة) أو (الجاثوم)، وذكر عن أحد الذين عانوا من هذه المخاوف في القرن الثامن عشر، الذي كان مذعوراً من هجمات الكوابيس التي لا تطاق، لدرجة أنه نام طوال الليل على كرسي، في وضع أفقي، حتى لا يسمح للجاثوم بمهاجمته.
ضحية أخرى شاهد الشيطان يقترب من سريره، ويضع كلتا يديه على رقبته ويبدأ في الضغط حتى كاد يختنق، وفي اليوم التالي لاحظ بقعاً سوداء على رقبته جراء ضغط أصابعه عليها، ونتيجة لهذه المخاوف طلب الرجل من خادمه أن يراقبه ليلا