النجاة من الحياة
ينبغي وضع العقل قنديلاً فيما نتأمل حالنا. ليس بوسعك تدريب الموتى على الموت. ترافق كونهم موتى، تجلى للقتلى أسبابٌ استثنائية، لئلا يسمع نحيبهم أحياء يتظاهرون بالنوم عن كثب.
٢
بقيت في حيزٍ ليس لي اتبادل مع الموتى مجاملات، تجعل الأحياء يخرجون عن صمتهم، وينادون بعدالة الحياة. يشعر أن الفوارق بينهم وبين الموتى لا تكاد تذكر. الفرق بين الميت والحي مجرد وهم يسمونه حلماً. يتذكر الميت تاريخه الموشك على النهاية، وينسى الحيّ ذلك.
٣
بيننا ما يمنح الموتى حق الكلام، ويمنع ذلك عن الأحياء.
من منكم يتذكر بحرية وينسى بالحرية ذاتها؟ من منكم، منكم، ومن منكم منهم؟
٤
كلما التفت الغريق باحثاً عن طوق نجاة، جاءته موجة واطاحت باحلامه، ويكاد يموت لفرط التغلغل الفضّ في احلامه. التغلغل في احلام الغريق يجعل النجاة حلما لا يتحقق ولا يطال. ويصبح الموت حلاً غير. قابل للمثول.
كلما التفت الغريق التقى بما يشبه السيل يجرفه ناحية اليمّ. ليس للغريق من ينقذه. كما ليس للميت من يقتله.
٥
هل نحن موتى أم نحن غرقى؟
ليس لنا من يكاتبنا، وليس ثمة من يعفو عنا. في المسافة بين الميت والغريق، موجٌ وبحار ومحيطات. كن ميتاً، ولا تكن غريقاً. ففي الموت نجاة من الحياة.
٦
جاءت لجّة البحر. جاء الموج. جاء الغرق.
ليس للشخص الاختيار، شكل الموت ليس من شأنك. القيادة هي من يختار موتك، المهم هو أن تموت.
الآن، الريح هو الملك. وحال المسافرين من حال الموتى في شكل قتلٍ. فلا خيار في ما اختاره رب البحر واليابسة.
٧
من حكمك في اليابسة يحكمك في البحر.
البحر أول الحياة، والبحر آخرها. فإذا قيل لك "خلقنا من الماء كل شيء حي". اعلم ان الماء المالح مثل وطن قاتل. فقد (ارخيت المراسي في متاهة لجةٍ، وحسبتها وطني). نقضتُ حكم البحر واليابسة.
٨
قنديلك يهديك فلا تبحر في موجٍ ولا تبني على رمل. دع الموتى يموتون، والغرقى يبحثون عن بنادرهم. و دع الخلق للخالق. سيكون لك النجم في الليل، وللآخرين في الليل يعمهون.