top of page

اماكننا التي تتعذب وتعذبنا مداخلات ضد ومع ماركيز


غابرييل غارسيا ماركيز


"لقد تركت المكان معذباً. أسوأ مانفعله أن نترك المكان الذي ترعرعنا فيه معذبا. هذا لأن الفرد فينا – الغول الذي فينا – يستيقظ. انني أعتذر على تلك الخيانة، وأعيد ترتيب الأحزان في قلبي. بالتأكيد سوف تقولون إن لحظة الهذيان هي التي تلاحقني. هذا ليس صحيحا. إنني أفكر وأتأمل وأتعذب لأن الأشياء تدخل في نهاية ما".

  • ماركيز –

-2-


اعتقد ان المكان يشكل خصوصية جوهرية ليس لغابرييل غارسيا ماركيز فقط، بل هي قضية هامة لمعظم كتّاب الرواية الذين يحفرون في ذاكرة النص حكاية المكان المؤلم الذي لا يغادر ذاكرة الروائي المهموم بحزمة من الأحزان التي يظل يحملها وهو ينتقل من عمل روائي إلى عمل روائي آخر، مثل "سيزيف" الصخرة ثقيلة، والجبل بلا نهاية.

-3-


"أنا الذي كان يعنيني المكان، لم يتسن لي أن أعيش على هامش الأشياء، لقد تذكرت كيف كنت أمشي حافيا، كنت أحياناً أحب الحصى وأحياناً أكرهه. كتبت عن طفولة الحصى، كلما عبرنا كلما كبرت الحجارة، "سيزيف" القرن الحالي لا يحمل صخرة واحدة ، ولا يصعد، هنا المفارقة".

  • ماركيز –

-4-


المكان رحلة طويلة من العذاب ترافق الروائي الذي يكتشف نفسه بعد سنوات من الكتابة والبحث انه تائه مثل طفل، يبحث عن مكانه الأول، مكانه الذي تركته امه يلعب فيه مع اقرانه، وبين أمكنة عديدة حملت روحه بين محطات القطارات والبواخر والطائرات. يبدأ المكان بفقدان خصوصيته ليتحول إلى جغرافيا.

ثمة فرق كبير بين المكان والجغرافيا.

-5-


لماذا تعذبنا الأماكن؟

لماذا تضحى جدال جوهري بين النص والذاكرة

وهي تبدل خصوصيتها مثل جناح فراشة زاهية الألوان، تترك حدودها الجوهرية بين عمل روائي وآخر. هل يستطيع ذلك المكان الطفولي ان يمتلك كل تلك الخصوصية ليتنوع في لحظات الكتابة ويتشكل، يلبس اقنعة عديدة، فقط لكي لا يغادر سنابل القلب وهي تصفي خطوط الجدل التاريخي الذي يعبر السنوات على أصابعنا.

-6-


"إن أمامنا مهمات شاقة: كيف نتصدى للرياح الآتية من المستقبل، إنها رياح وحشية، إنها رياح شرسة، وأنا أتساءل: أين الإنسان في كل هذا؟"

  • ماركيز –

-7-


المهمات الشاقة لدى الروائي ليست في أن يعيد سرد التاريخ روائيا، بل في أن يذهب بالماضي نحو المستقبل، ثقل الماضي بمكانه، وإشكالياته الميتافيزيقية التي عاشتها الإنسانية في لحظات تاريخية حساسة وربما مدمرة. على الروائي والكاتب ان يعيد فهما كحالة مستقبلية قادمة لنا من اللحظة الآنية، وذاهبة بنا نحو مجهول نريد ان نفهمه.

-8-


يشعر "ماركيز" بالهلع لأن الثقافة تتواطأ، والسياسة تتواطأ، وحتى بعض حملة النصوص الذين يفترض بهم أن يزرعوا الإنسان ثانية في هذه النصوص. إذاً، ينبغي على الأدب أن يتولى تعبئة "ماتبقى من النيران البشرية لتطهير الكرة الأرضية من الوحول. الوحول الحضارية تحديداً".

-9-


السؤال الجوهري الذي ينبغي ان يشعل نصوصنا هي في فهم الحضارة الآن، وليس في فهما كتاريخ مضى، الحضارة الآن هو ما تصنعه الدول الكبرى في حق الإنسانية:

  • ثمة طفل اسود يجوب الصحراء الافريقية بحثا عن كأس ماء نظيف، وأناء من القمح.

  • ثمة طفل في آسيا يبحث عن سرير يرمي عليه جسده من عناء العمل الذي يزيد من ارباح الشركات الكبرى.

  • ثمة طفل في غابات الأمازون يريد ان يعرف ماذا خلف المحيط؟

-10-


المكان الذي يعذبنا

هو جوهر البحث الحضاري الذي يمكن له ان يقودنا حفاة أو في طائرات سريعة، نحو فهم ألم المكان الآخر الذي يعذب الآخرين. أي كانت أصولهم وهوياتهم ودياناتهم. علنا نؤسس مكاناً واحداً يسكننا منذ لحظة الولادة.

21 views0 comments
bottom of page