فلسطين، الذاكرة والنسيان

ينبغي ان نتذكر.
العدو يلعب ببراعة على النسيان، ليس نسيان العالم فقط، ولكن خصوصاً نسيان الضحية وأجيالها. النكبة الثانية لا تكرر الاولى، سوى ان الاجيال الجديدة تأخذ الدرس بقوة، ففي حين لا يزال كبار السن، من الفلسطينيين، يحتفظون بالمفاتيح القديمة البالية، مفاتيح بيوتهم، تلك المنازل والدور التي يتذكرونها ويحتفظون بذكرياتهم الغالية فيها، سيأخذ الشباب درس الاسلاف بوعي اكثر، ولا ينسون.
٢-
مع الشعب وضد الصهيونية، ومن يريد ان ينسى فلينس. اعرفُ، وربما كنت من الذين يدركون. ان التاريخ لن يرحم العرب إن هم تخلو عن بوصلتهم. ثمة من يستغل الجغرافيا لمحو التاريخ.
فلسطين هي البوصلة. غير أن الحكام العرب سوف يرتكبون كل الحماقات في سبيل الاحتفاظ بكراسي حكمهم. (في دول الخليج خصوصاً).
٣-
ثمة الجوهر الانساني الذي سيفضح يسار العالم برمته، ومن ضمنه يسار العرب، هذا اليسار الذي تلعب به الأهواء كيفما ذهبت. لا احد يمكن نسيان مواقف اليسار العربي عند غزو الكويت، والأقرب يمكننا استذكار مواقفهم في (حركات) ٢٠١١، عندما تهدلت أعضائهم مع الحشود في الشارع العربي فيما يتركوا القياد لرجال الدين، يأخذون الناس للعراك الطائفي ويبطشون بهم.
٤-
نقول التاريخ شهد، ويشهد، الشعب الفلسطيني. وقد جاء من يريد محو التاريخ بالجغرافيا. لسنا ضد الصهيونية فقط، بل أننا ضد التطبيع أيضاً. العرب الذين يذهبون الى التطبيع، كانت الحكومات والأنظمة العربية، بنية استبدال تاريخ البوصلة التي تعلمنا منها
ابجدية السياسة على يديها، في حين يأتي الآن من يريدنا الامتثال لتخبطهم، والايمان بما يعتقدون.
٥-
لا ننتظر من النظام العالمي سوى مواجهة الضمير. كما لا نطلب من النظام العربي سوى الكفّ عن الزعم بالكلام باسم الشعب.
لا ننتظر شيئاً من أحد. نحن أحرار من كل شيء غير: الحرية، فيما يثبت رجال الدين أنهم ضدها.
٦-
لندرك من الصديق ومن العدو ومن يتعاون معه. ثمة قناعات لا نتدخل فيها، غير أن ثمة بوصلة تقترح علينا تاريخاً لا يقبل النقض. كما أن الانسانية لا تتجزأ.
ليس من حكمة الحياة ان تقف مع محتل، ولا تؤيد قاتل ضد القتيل. ولسنا من يؤيد الديكتاتور. المسألة الانسانية لا تقبل المساومة.
٧-
الذين يذهبون للتطبيع، يذهبون وحدهم.
الشعوب لا تذهب. وعندما قلت اننا تلقينا الدرس السياسي الاول من فلسطين، كان الشرط الانساني حاضراً، فعدالة الدرس هي معرفتنا الباكرة، وكانت الانظمة تحاربنا باسرائيل باعتبارها العدو، والآن تريد نفس الأنظمة محاربتنا باسرائيل بوصفها الصديق. لم اصادف صديقاً قاتلاً مثلها. ويتوجب طرح الأسئلة على (حماس) ورفيقاتها، بصراحة المقاومة العربية. من المسؤول عن الضحايا الفلسطينية ودمها المهدور؟
٨-
فيما يذهب بعضهم نحو التطبيع مع العدو، يذهب الفلسطينيون الى نكبتهم الثانية، بعد أن بهجرهم العدو الاسرائيلي ذاته من بيوتهم في غزة نحو مجهول جديد، مثلما فعل اسلافهم عام ١٩٤٨. من يزعم أن العرب لا ينقرضون؟