
كان يقضي إجازته السنوية عندما جاءه اتصال من الشركة التي يعمل فيها ، وكانت المتحدثة سكرتيرة مدير الموارد البشرية . قالت له إن المدير يود التحدث معه .
خيراً إن شاء الله .
ألو ، صباح الخير محمد .
أهلاً أستاذ راشد .
أنا آسف لاتصالي بك وأنت في الإجازة . أرجو أن تأتي إلى مكتبي لأمر مهم ، وسوف أعوّضك عن الحضور بساعتين كوقت إضافي .
ما هو الموضوع ؟
إذا جئت سأخبرك .
شعر بالقلق . ماذا يريد المدير منه ؟ لماذا يستدعيه وهو في الإجازة ؟ تناوبته الوساوس . لم يستطع أن يتوصل إلى اللغز .
قاد السيارة وهو منهمك في بحر التساؤلات . وصل إلى مقر الشركة وأوقف السيارة في موقف السيارات . اتجه إلى مبنى الموارد البشرية . ما إن وصل حتى أدخلته السكرتيرة على المدير .
قابله الرجل بوجه متجهم ونبرة جافة . أعطاه الجريدة المفتوحة على إحدى الصفحات . قال له : لماذا كتبت هذا المقال ؟ لماذا تريد أن تسيء إلى هذا الشخص المتفاني في عمله ؟ لماذا تريد الإضرار به وتصفه بهذا الشكل ؟
أستاذ راشد ، أنا لم أذكر اسم شركة ولا اسم شخص .
لكن الجميع يعرفون من تقصد .
أنا لم أقصد شخصاً معيناً ، فقط أردت انتقاد هذا التصرف .
لكن الذي كتبته يشكك في نزاهة هذا الموظف ويصفه بأنه يلاحق العمال في مواقع العمل ، ويتصيدهم بكاميرا الفيديو ، أثناء استراحتهم أو توقفهم القصير عن العمل . أهذا جزاء التفاني والإخلاص ؟
قلت لك يا أستاذ راشد إنني لا أعني موظفاً معيناً ولا شركة بعينها .
إذا لم تعترف ، سنتخذ إجراءً بحقك .
إنني أتحدث عن موضوع عام ولا يخص شركتنا .
ألا تريد أن تعترف ؟ حسناً ، شكراً على الحضور .
خرج من مكتب المدير مكتئباً ، تتنازعه الأفكار السوداء . لقد وعده رئيسه بترقية في الشهر القادم ، لكن إذا حصل على إنذار أو إجراء تأديبي ، فلن ينال الترقية .
أمضى الأيام المتبقية من الإجازة في غمّ وحزن ، لكنه لم يتراجع عن رأيه .
في أول يوم له بعد الإجازة ، ذهب للسلام على رئيسه . قابله الرئيس بوجه غاضب ولهجة حادة .. أنا مستاء من المقال الذي نشرته . هذا الموظف يؤدي واجبه ويحارب التسيب في العمل ، كيف تصوره بهذه الطريقة ؟
أرجوك أن تفهمني يا أبا حسن . أنا لم أستهدف هذا الموظف الذي ذكرته .
لا أريد أن أسمع منك أي تبرير . انتهى الموضوع .
خرج من مكتبه متكدّراً . فوض الأمر إلى الله ، ومضى في طريقه ، رافعاً رأسه .