فراشة إلى الأبد

قصة قصيرة بقلم تشن كييو
تشن كييو كاتب تايواني معاصر، صدر له كتابان الأول بعنوان (قصص الومضة من مختلف دول العالم) والثاني (طوفان سوارى) .
.........................................................................................................
السماء تمطر . الطريق الأسفلتي يبدو بارداً ورطباً . إنه يتلألأ بانعكاسات من أضواء خضراء وصفراء وحمراء . كنا نتقي من المطر تحت الشرفة . صندوق البريد الأخضر يقف وحيداً عبر الشارع . داخل الجيب الكبير للواقي الابيض الخاص بي توجد رسالة لأمي التي تعيش في الجنوب .
ينجزي تقول إنها تسطيع إرسال رسالتي باستخدام المظلة . أومأ أنا بالموافقة بهدوء وأعطيها الرسالة .
" من أخبرنا بإحضار مظلة وأحدة صغيرة فقط ؟ " تبتسم وتفتح المظلة ، وتستعد للمشي عبر الطريق لإرسال الرسالة لآجلي . بعض حبيبات المطر الضئيلة تتساقط من رافدة المظلة على نظارتي .
مع الصوت المخترق لسيارة تصرخ بذعر وتتوقف ، تطير حياة ينجزي في الهواء برقّة ، ثم تهوي ببطء على الطريق البارد والرطب كفراشة في الليل .

رغم إنه الربيع ، فهو يبدو كخريف عميق . كل ما فعلته هو عبور الطريق لإرسال رسالة لآجلي . تصرّف بسيط جداً ، مع ذلك لن أنساه آبداً طالما حييت .
أفتح عيني وأظل واقفا أسفل الشرفة ، شاحبا وعيناي مليئتان بدموع حارة . جميع السيارات في العالم كله قد توقفت . الناس يسارعون إلى وسط الطريق ، لا أحد يعلم أن الشخص الذي يستلقى هناك خاص بي ، فراشتي . في هذه اللحظة ، إنها على بعد خمسة أمطار فقط مني ، مع ذلك هي بعيدة جداً . قطرات أكبر من المطر تتساقط على نظارتي ، مبعثرة حياتي .
لماذا ؟ لماذا جلبنا مظلة واحدة فقط ؟ ثم أرى ينجزي مرة أخري ، في واقيها الابيض . المظلة فوق رأسها ، وهي تعبر الطريق بهدوء إنها ترسل الرسالة لأجلي . الرسالة التي كتبتها لأمي التي تعيش في الجنوب ، أقف شاحباً أسفل الشرفة وأرى مرة اخرى ، ينجزي وهي تسير تجاه وسط الطريق .
المطر لم يكن كبيراً جداً ، مع ذلك كان أكبر مطر في حياتي كلها .
تجدون أدناه محتوى الرسالة . ترى هل علمت ينجزي به ؟
" أمي ، سوف اتزوج ينجزي في الشهر القادم " .