top of page

نظرة




الماء والكوارث
أولاً: ثمة كارثة ولا نرى

كم مرة علينا ان نراقب النيران وهي تلتهم حياتنا الإنسانية؟

كم مرة علينا ان نشير إلى الموت وهو يجتاح مدننا المطرزة بالأكفان؟

الرعب يجتاح الواقع بشكل غير محتمل، ونحن نقف في الشارع ، ندلل على ما تبقى من الأمل لينتزع من قلوبنا دون رحمة منهم/ منا.

لماذا نفعل بدمنا كل هذا المستحيل؟

لماذا تعصف الريح بشراشف نوافذنا، ولا يسعنا ان نغلق الأبواب في وجهها؟

الشمس تستدل على الغبار، ونحن نخفيه بغيم مداري، كي لا يرى، كي لا يستدل.

متخفين في النوم، كي لا نبصر النهار، كي لا نصدق الكارثة، كي نحلم بيوم آخر أقل بطشاً، وأقل رائحة من الورد.

نمشط أجسادنا بعذاب الصمت، لا نعرف كيف نبوح بحروفنا، لم نتعلم كيف نتهجى حروفنا.

الرعب بيننا، ونحن نصد عن رؤيته، عن ملاحظته، عن معاتبته، نغمض أرواحنا كي نعيش في عزلة.

نمشط أجسادنا بجهل نجتهد في تكريسه في وعينا، كي لا يقولوا كانوا يعرفون، وكانوا يعلمون، وكانوا قادرين، وكانوا يبصرون، وكانوا مدركين، وكانوا وآعين، وكانوا ينظرون، وكانوا قادرين على تصحيح واقعهم.

هل يُبعث فينا، من يدلنا على الطريق، وعلى النطق، وعلى البوح، وعلى الرؤية، وعلى القول، وعلى النذر أن ثمة كارثة تحيط بنا!!


ثانياً: الماء بهذا الشكل

-1-

كم مرة حشدت سكينتي لاذهب في النسيان.

كم مرة فاضت رئتي بالكلام، فاغلقت فمي.

جاهرت بعيني كي اختصر النطق، قطعت أصابعي كي لا تكتب.

قيدت قدمي كي لا أذهب في هذا الطريق.

أصبحت جسداً يختمر في مكانه،

في واقع سرمدي ناضب الروح والوتر.

لا موسيقى

لا صوت العصافير

لا نباح الكلاب.

صمتٌ جميل، وسكونٌ رائع.

لن تطلب من جسدك القيام بأي وظيفة سوى عيناك التي ترى. 


-2-

هكذا إذن تتحول إلى شكلٍ من أشكال الماء

تدفن موتاك في قعرك ولا تنبس

يأخذ مجراك كل ما مررت به نحو مصبات البحار

أنت نهرٌ له شكل المحيط

يأتونك ليغمسوا في ماءك أطراف أصابعهم

فتبرد السنتهم المعذبة من لهيب الحياة


-3-

الماء بهذا الشكل يقتل الموت،

فكن لهم ماء. 



 

6 views0 comments
bottom of page