top of page

محمد علي شمس الشعر

Updated: Nov 19, 2022




محمد علي شمس الشعر

تعرفت على الشاعر محمد علي شمس الدين، في الملتقى الأول للشعر العربي في بيروت عام 1970. وبعدها تتالت اللقاءات في السنوات التالية في لبنان وخارجه.

أتذكر، في قطر ذات لقاء شعري، سألته عن تبجيله المباشر لشخصية دينية مشهورة، قال لي «هذا خياري أدركه وأعنيه» فاحترمتُ خيارَه، فقد كان يؤمن بما يفعل وما يقول.

في السبعينيات عندما كان على رأس «شعراء الجنوب» هجستُ له بخشيتي من الزخم الاعلامي الزائل للظاهرة التي لا تشكل معيناً او قيمة نقدية، فعبَّر لي عن عدم اكتراثه بالأمر، لقد كان يذهب إلى الجنوب ويأتي منه، (ربما وحده، ظل يؤمن بشعراء الجنوب، حتى وقت قريب). كان على نقيض ما أعتقد، وهو مالَ عليَّ ذات مرة وقال بما معناه: (لا فائدة، أنت نقيضي في ما أعتقد، يا ضعيف الأيمان). لقد ذهبَ قويّ الإيمان بإيمانه، وبقيتُ بضَعفي.


٭ ٭ ٭


كان أول من جاء يهنئني من الشعراء بعد نيلي جائزة الشعر العربي في ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي عام 2020، شدّ على يدي وقال: «يليق بك الفوز يا قاسم».. فتجددت الجائزة.


٭ ٭ ٭


عندما أصدر كتابه الأول «قصائد مهربة إلى حبيبتي آسيا» 1974، عرفت فيه صوتاً جديداً لمحمد علي شمس الدين، بوصفه شاعراً من جيلنا، ربما كان الصوت المصفّى من ناس الجنوب اللبناني. وكان شديد الاعتزاز بقصائد ذلك الكتاب، حتى أنه ظل يقرأ منه في كثير من الأمسيات، حتى بعد صدور كتبه التالية. وحين سألته عن الكتب الأخرى قال: (ما الحب إلا للحبيب الأولي). وظني أنه يميل إلى قراءة تلك القصائد أيضاً ليس اخلاصاً للحبيب الأولي، كما يقول، لكن لأنها، أيضاً، أقرب إلى المنبر، وهو ولعٌ تدرّب عليه كثيراً في النصوص اللاحقة. غير أنه كان، مثل كثيرين في شعراء لبنان، يحجمون عن بيع نصَّهم لأحد، فهو لا يبيع، ولا أحد يريد أن يشتري منه شيئاً. فما يصنعه لا يخصّ أحداً سوى أفكار محمد علي شمس الدين كشاعر، ففي عصرنا لا أحد يشتري شعراً ولا فكراً. نزاهة الشاعر تغادر معه، والنصوص تبقى على ناصية الطريق. «أميرال الطيور» يفضّل أن يطلق طيوراً لا أن يصطادها.


٭ ٭ ٭


ظل، الشاعر محمد علي شمس الدين، دائماً في تفعيلية القصيدة، فهو يُحسنها بشكل جميل، مثلما يصنع قرينه الأدبي اللدود شوقي بزيع. كل على طريقته. وقيل عنه غير مرة «إنه آخر كتاب قصيدة التفعيلة» المعاصرين، لولا بعض الاستثناءات التي لا يشكل، بعضها، نقيضاً حاسماً لتلك المقولة. وظل ينظر إلى الشعر العربي باعتباره سَفراً متواصلاُ في التجريب، دون أن يعتبر الكتابةَ خارج الوزن تجريباً شعرياً، فهو يرى في الكتابة خارج التفعيلة تجريداً للشعر من شرطه الأول: الموسيقى. وعندما قلتُ له إن في اللغة العربية أسّ موسيقى الشعر، لم يكترث لمزاعمي.



الشاعر قاسم حداد مصافحا محمد علي شمس الشعر

مما كتبه محمد علي شمس الدين في آخر كتبه، والذي أحببته لمناجاته «ليلى» التي أحببتُ:

(وجه لليلى)

(تقول: وهل أنتَ قيسُ العليل؟

أقول: نعم

وأضيفُ: القتيل.

إن ليلى التي لا تزال هناك

محجّبةً لا تراني

تحيط بها نسوةٌ من حديد

ورجالٌ عبيد

ونسرٌ عجوزٌ على بابها

يرصد القادمين إليها

فيا أهلها في العراق

اسمعوا زفرتي

وهي تمضي مع الريح

أو دمعتي

وهي موصولةٌ بالفرات الجريح

من الشام تمضي مواكبُ عشقي

وتحمل راياتها

في الفلاة

وتحدي لها بالغناء الحداة

لكنَّ ما حَيَّرَ العقل

حتى بَراهُ الجنون

أن ليلى،

التي مِتُّ في حبها ألفَ عامٍ،

تخون)

14 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page