top of page

مستغانمي: أنا كاتبة رغبة ولست كاتبة متعة، الرغبة حالة اشتهاء والمتعة هي نهاية الأدب



تتحدث عن أن المساحة التي تفصلها عن الإبداع هي مساحة تفاحة آدم، يوم قالت حواء لآدم : ما أجمل هذه التفاحة. والحديث عن الجسد قد يقود أيضاً للحديث عن الوطن في حالة تتماس فيها الكتابة بين هذا وذاك كما يحدث في كتابة أحلام مستغانمي، فهي تؤكد أن القضايا التي ظلت تدافع عنها طوال 35 عاماً)) فلسطين)) ،((العراق (( قد اكتشفت أخيراً أنها قضايا مفلسة،نقف هنا مع مستغانمي وحديث عن الجسد في كتابتها، وعن قرائتها للجسد العربي:

نحن لانصنع أدباً بالحياء
كما أننا لا نصنع أدباً بالبذاءة


كتابة في لحظة عري، ذاكرة الجسد، فوضى الحواس، عابر سرير، كل تلك الروايات بهندسة عناوينها الملتصقة بمفردة الجسد و الحواس بفوضاها والعري في أبها حالات الكتابة و بمرور ذلك العابر والسرير، يستنفر حالات التجاسر لدى المتلقي، ليستفز الأسئلة بشكل جريء بعض الشيء ، كيف كانت علاقتك بجسدك ؟ في ضل منظومة عربية فيها مفردة مثل الجسد والحب جامدة ومحرمة ومفرغة من مضامينها الحقيقية، كيف كانت علاقتك بجسدك ؟ وهل أدركت مبكراً أنك إمرأة فاتنة ومغرية وجذابة آنذاك ؟


لا أدري ما أدركت، ولكني جريئة في الكتابة فقط وليس في الحياة، ولكن أستطيع أن أقول أنني أدركت أننا أمة تخاف الكلمات، فكلمة جسد أو سرير كلمات مخيفة، وأنا عبرها أنصب شباك للقارئ عبر استدراجه بعناوين تجعله يتحفز للقراءة، ولكن بالتأكيد أنا أعتقد تماماً أننا لا نصنع أدباً بالحياء كما أننا لا نصنع أدباً بالبذاءة، ولذلك فأنا قد لا تجد في عمل من أعمالي أكثر من قبلة، ولكني بهذه القبلة استطعت أن ألقي القبض على القارئ، أجعله يقرؤني، وهذا ما فعله عنوان (ذاكرة الجسد) مثلاً، الذي كان مطابقاً في الأساس وفي الرواية لفكرة جسد الرجل المعطوب في الثورة الجزائرية، وهو جسدي أيضاً، ولكن ما حدث وبسبب العلاقة المرتبكة بيننا وبين أجسادنا فإن إحدى المجلات السعودية عندما نشرت حواراً معي من ثلاث صفحات لم تتجرأ على نشر عنوان الكتاب!! لقد خافوا من اسم الكتاب.

أنا أكتب لأتصالح مع جسدي، الكلمات تعرّينا، والكاتب يتعرّى بالنيابة عن الآخرين، ولكن علىه دائماً أن يبقي ثوباً خفيفاً من الوهم لدى الكتابة، علىه أن يشرك القارئ في التوهم، عموماً لم تكن قضية الجسد قضيتي، فأنا كنت أعنى في كتاباتي بالقضايا العربية، ولكن ربما يتخذ الجسد بالنسبة لي هماً في بعض الأحيان ولكن يتلبس حيناً أبعادأ فلسفية، فلو أخذت رواية (عابر سرير) ستجد أنها تتناول كيف أننا منذ ( المهد إلى اللحد) فإننا عابروا أسرّة، وربما أقترب من الجسد أيضاً عبر اللعب باللغة، أي أنني أخلق مشهداً كاملاً من السرد المبنى على اللغة لأقول جملة واحدة، كما حدث ذات حوار في رواية عابر سرير:

- أنتِ على عجل..

- أنا على بلل..



فأنا في هذا المشهد خلقت المطر واللقاء والمشهد بشكل عام ليصل هذا الحوار إلى هذه الدرجة من اللبس اللغوي، وهذا يترك مساحة للقارئ، وثمة كثير من جمل رواياتي وصلت إلى درجة أن تستخدم في الرسائل العاطفية لدى الشباب. الغريب أن ما يحدث الآن في الرواية العربية هو الكتابة بتحرر شديد، والمشكلة أن لا أحد يحاسبهم، فرواية كرواية (برهان العسل) لسلوى النعيمي لا أستطيع أن أكتب في مثل جرأتها، لا أستطيع ليس لأني أخاف، ولكن لأن ذاتي لا تتقبل مثل هذه الكتابة، مع احترامي للكاتبة ولرأيها وأنا أهنئها على شجاعتها، ولكننا لا نكتب لتمنع كتبنا، وعندما يمنع كتاب ما فعلى كاتبه أن يغير مهنته، لأنه لم يستطع أن ينجزها، فالكتاب هو حقيبة تهريب، والكاتب مهرّب، وعندما يلقى علىه القبض في أحد الحدود فقد فشل في مهمته، بالنسبة لي أتباهى بأني أجتاز أغلب الحواجز العربية، وكتبي تقرأ حتى داخل السجون، وفي مكتبات المدارس والجامعات وعندما تريد أن تصل لكل هذا علىك أن تحتال، أجل أنا محافظة ولكني أكتب ما هي أنا، لم أكتب إلا ذاتي، وحتى رجالي يشبهونني.

خيبات الحب..

وامتحان الجنس



الرغبة الجنسية التي تودعينها شخوص رواياتك،هل تعكس رغباتك أنت أم أن الأمر عكس ذلك، وأن جبن الواقع المعاش لشخصية مستغانمي يدفعها لتعويضه في الكتابة الروائية ؟


بالتأكيد الكاتب يكتب للتعويض، وجزء كبير من حياة الكتاب هو مجتزأ للكتابة، وهنا ثمة إشكالية كبيرة، فهل نحن نعيش لنكتب أم أننا نكتب لنعوّض عن حياتنا، وأين هي الحياة الحقيقية للكاتب، فثمة متع يكتبها الكاتب لمجرد أن يكتبها، وأخرى يخسرها الكاتب فيقرر أن يعيشها بعنف في الكتابة، ولا يمكن أن يكون جوابي حاسماً، لأن الحالتين تنطبق علىّ، فأنا أشبه أبطالي وأفرض على نفسي قيوداً خلقية أو عاطفية، وحياتي مكتوبة على الورق، وثمة تداخل بين الحالين ولا يمكن لكاتب أن يحسم الجواب في هذا الموضوع.

المسلسلات التركية
فضحت جوع العالم العربي للحب

ثمة مأزق ثقافي عربي تعيشه الثقافة العربية مع مفردات الحب والعلاقة بين الرجل والمرأة، كيف تسعين إلى تفكيك تلك المنظومة عبر رواياتك؟ وعبر شحن الشخصيات برغبات وشهوات يجوع لها المجتمع ؟


معرفتي الأولى بدأت قبل الرواية فأنا قدمت رسالة الدكتوارة في علم الإجتماع حول المجتمع الجزائريووصلت لنتيجة في إطروحتي في ذلك الوقت تفترض بأننا نعاني من حالة عجز عاطفي، وقد أصبح الأمر واضحاً الآن من خلال علاقتنا بالمسلسلات التركية، وتعودنا أن نخرب بيوتنا من أجل بطل وهمي، هذه المسلسلات فضحت جوع العالم العربي للحب، وكم أن الإنسان العربي ثمة خلل في علاقاته العاطفية، وثمة وهم كبير يدور حول الحب نفسه. ونتيجة لجوعنا للحب فنحن مستعدون لبناء علاقات وهمية فقط لنتوهم أننا نحب، وبالتالي فإن هذه الحالات العاطفية والشهوانية واختلافاتها بين الرجل والمرأة ظهرت في رواياتي، ونلحظ فاجعة )خالد(التي كانت كبيرة، والتي مثّلت تماماً خيبة يعيشها كثيرون، والقراء الذين أحبوا هذه الرواية أحبوها لأنهم عاشوا هذه الخيبة، فالخيبات في الحب متوفرة أكثر من النجاحات العاطفية.

أنني كاتبة رغبة

ولست كاتبة متعة



في الخطاب الإعلامي الغربي يتحدثون عن إن (الإغراء بأشكاله المتعددة) وسيلة للتواصل مع العالم، فهل الكتابة الروائية التي تمارسها مستغانمي وسيلة للتواصل مع العالم، رجال وأناث، لإشاعة ثقافة ما تحررية، جنسية مثلاً، فكرة ما، لا أعرف ماذا، ما هي الرسالة التي تحملها مستغانمي، عبر كتابتها، أم أن رواياتها تعبير عن ذات وإشباع لرغابات ، متخذة اكلشيه (مارس الحب ولا تمارس الحرب)؟

سبق أن قلت أنني كاتبة الرغبة ولست كاتبة المتعة، الرغبة حالة اشتهاء والمتعة هي نهاية الأدب ونهاية الحب أحياناً، وأستشهد هنا بقول أمين نخلة ( ولد الفن يوم قالت حواء لآدم.. ما أجمل هذه التفاحة) فالمسافة التي تفصل عن التفاحة هي الإبداع، فأنت تتأملها وتشتهيها وترغبها، وأنا لم أكتب إلا هذه المسافة فيما بين آدم والتفاحة، وما يحدث بعد ذلك لم أكتب عنه، ربما أكتب عنه لاحقاً، ومن الكذب أن نقول أننا نجونا من الحب ومن الجنس، لأنهما جزء من الحياة، ولا نستطيع أن نلغي الجنس، لأننا عندما نفعل فإننا نعزز وجوده ولا نفكر في سواه، ولذلك عندما يشغل الجنس مساحة من كتابتك فهو أيضاً يتيح مساحات أخرى لهواجسك الأخرى، وأنا لا أكتب الجنس بشكل محض ولكنني أضعه دائماً في مناخ شاعري.

أعتقد أن أكبر امتحان لكاتب أن تضعه أمام امتحان الجنس، فثمة كتاب يصفون العلاقة بطريقة مباشرة لدرجة أن الجميع يستطيعها، وآخرون يهربون من الكتابة في الجنس، وهؤلاء ليسوا كتاباً لأن الجنس جزء أصيل من الحياة، ولكن أيضاً هناك كتاب يواجهون بشكل شاعري، فأنت لا تحتاج لهذه المباشرة، ولا بد أن تترك مساحة ما للتخيل لدى القارئ.



أتعلم أن أجمل القبل التي شاهدتها في السينما كانت قبلة في فيلم (رعب) ولم تكن في فيلم جنسي أو عاطفي، لأنك عندما تضع القليل في موضوع آخر، فإن هذا سيؤثر أكثر على القارئ، والدليل أن كل الكتب الصادرة حديثاً والتي تعالج مواضيع التحرر الجنسي والعلاقات الجنسية من مختلف الدول العربية، والتي تستخدم لغة بذيئة تنفر من القراءة، لم تستطع هذه الكتب أن تنجح في البقاء كما نجحت كتب كعابر سرير أو ذاكرة الجسد. فمازال ذاكرة الجسد من بين الكتب الأكثر مبيعاً، وإحدى المجلات الأمريكية اعتبرتني الكاتبة العربية الأكثر مقروئية، بتجاوز مبيعات كتبي لمليونين وثلاثمائة ألف نسخة، ولذلك فقد بات لديّ (جيش من القراء) وهؤلاء حصلت علىهم دون أن أقدم أية تنازلات، ودون أن أقدم لهم السهل والمباشر والسطحي، فأنا امرأة أخاف من التاريخ ومن الله، وأنا ولدت كبيرة وليس هذا ناتج عن الغرور ولكني ولدت كبيرة لأن القضايا التي أتناولها كبيرة، فكتاباتي أصبحت رمزاً لوطن، ولم يعد من حقي أن أتصرف باسمي كما أشاء، والكاتب يساوي القضية التي يدافع عنها، فأنا كبيرة لأني أدافع عن قضايا كبيرة. وربما هنا أود أن أقول أنه بالرغم من هذا فأنا دافعت عن قضايا مفلسة، كل القضايا العربية التي دافعت عنها أقف الآن مصدومة أمامها.



كنت مستعدة في
زمن مضى أن أكون فدائية

ما هي القضية الأبرز التي مثلت بالنسبة لكِ صدمة؟


هما صدمتان كبيرتان فلسطين و العراق، وصدمتي من الشعوب نفسها، فتصور أني كنت مستعدة للموت من أجل إحدى هاتين القضيتين، كنت مستعدة في زمن مضى أن أكون فدائية، وكتبت هذا في مجموعة الكتابة في لحظة عري في السبعينات، وكنت مستعدة أن أدفن في أي جزء من الوطن العربي، وطلبت في وقت ما في وصيتي أن أدفن في قانا، وأنا لم أزرها إلا مؤخراً بطلب من الأسير أنور ياسين، فأنا كنت أرفض طلبات بعض السياسيين اللبنانيين بزيارة قانا، لأني كنت أرى في الطلب أنه استثمار للشهداء، لأنه لا يمثل سوى دعاية انتخابية، وكنت أقول أني إن لم أتساو مع أبناء قانا في الموت فعلىّ أن أتساوى معهم في الصمت. وكنت أراهن على فلسطين حتى رأيت الفلسطينيين يقتتلون ويقتسمون كل شيء فيما بينهم..


كنت أرفض زيارة
العراق ما دام صدام في السلطة

هل ترين أن السياسيين العرب فشلة فيما هم فيه ولن يوصلوا أي قضية إلى حل؟


ليس الأمر بيدهم، لا أحد يملك الأمر، نحن الآن مسيرون لا مخيرون، نشتري أسلحة لنخزنها، وأقترح أن نسلم أموال الأسلحة باليد بدلاً عن شراء أسلحة تحتاج بعد ركنها في المخازن إلى صيانة وإلى أموال أخرى لهذه الصيانة، فلن تكون ثمة حروب بعد الآن، وحتى الحروب مفتعلة.

هل ما يحدث في العراق أمر طبيعي؟ تصور أني لمدة 35 عاماً كنت أرفض زيارة العراق ما دام صدام في السلطة، والآن أقول لو أذهب للعراق فإن أول مكان سأقصده هو قبر صدام، لأن الشعب العراقي أثبت أنه شعب لا يحكم إلا بهذه الطريقة، وهم في مظاهراتهم يعلنون هذا، لقد بكيت على العراق وعلى علماء العراق، ولم أشف من العراق، هل ثمة شيء أكبر من أن نقدم أسماء العلماء العراقيون لأمريكا لتتم تصفيتهم، هل ثمة شيء أكبر من أن يتحول الشعب العراقي العظيم إلى شعب فقير وخائف ومنهوب، أن تتحول الترسانة العسكرية العراقية إلى خردة وتباع بالميزان.

أنا معجبة الآن بإسرائيل لأن باستطاعتهم أن يحاكموا رئيس وزرائهم، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أحاكم فيه سياسي واحد، وأطلب من أمريكا التي تدعّي الديمقراطية أن تعطيني الحق في أن أحاكم حاكم عربي واحد، من أين له هذا؟ أصبح الثراء الفاحش والمفاجئ في هذه الأوطان أمر اعتيادي لأن لا أحد يسأل من أين لك هذا.



المثقف العربي
ليس حراً، حتى عندما يكون شجاعاً

كيف تقرأين تورط المثقف في الشأن السياسي، وربما كنت في لبنان وعايشت حرب تموز، وشاهدت ذلك الاصطفاف الطائفي، وهل جدير بالمثقف أن يصطف سياسياً؟


أحسب أنه بعد هذا العمر... أعتقد أن على المثقف أن لا يتورط وأن لا يزكي أحداً، أنا أخطأت بعض الأخطاء الصغيرة في حياتي، لم أزكِّ الكثير، ولكني امرأة عربية عادية وعاطفية، ولا أمتلك بعد الرؤية السياسية لأحكم على ما وراء الأحداث، وفي حرب لبنان كنت مع المقاومة وما زلت مع المقاومة، ولا يمكن أن أتخلى عنهم، ولكن الظروف تغيرت، وأنا لا يمكن أن أنوب عن اللبنانين في حكمهم على الأحداث، والمثقفون في لبنان استدرجوا لهذا الاصطفاف الطائفي، وكثيرون عادوا إلى التخندق في طوائفهم، وبعض من أصرّ على البقاء دفعوا ثمناً غالياً لعدم رجوعهم إلى الطائفة، فالحرب فضحت أموراً كثيرة في لبنان، فهي فضحت المثقف ولكنها أيضاً فضحت اشتغالات الطائفة التي لا تغفر ولا تسامح.

وحتى لو أردنا الحديث بشكل أعم في الوطن العربي، سنجد أن كثيراً من المثقفين الذين كتبوا ضد أنظمة بلدانهم، يتم الضغط علىهم عبر أهلهم في الداخل، هذا الأمر يبين كم أن المثقف العربي ليس حراً، وحتى عندما يكون شجاعاً، وهذا أمر حدث لي فعندما كتبت عن الإرهابيين في الجزائر وأنا في الخارج تلقيت مكالمة من أخي يطلب مني فيها التوقف عن الكتابة في هذا الأمر، لأن هذا يهدد سلامته الشخصية وسلامة العائلة في الداخل، فأنت ككاتب عربي لست مخيّر، وبالرغم من هذا ليس هذا ما يخيفني، فليس هناك أمل أبداً، كل ما حدث ولم يستيقظ أحد، وهم سعداء في نومهم.


جوع عاطفي.. أدبيات إيروتيكية عربية، ظهرت بين القرنين العاشر والثامن عشر، وتدور حول الجسد والمتعة الجنسية، وزيادة على ذلك وجود شعر إباحي، مثل قصائد عمر بن أبي ربيعة وآخرين، لماذا يراد لنا أن نهيل التراب على هذا الإرث وطمره؟ ولماذا على الإنسان إلا يكون طبيعياً مع نفسه، الرجال مع النساء ليسوا على طبيعتهم، لهذا تعيش المجتمعات العربية خلل في شخصيتها، كيف تقرأين ذلك، كعالمة اجتماع؟


في البداية على المجتمع أن لا يكون منافقاً، نحن مجتمع منافق ومزدوج، وشخصياتنا مزدوجة، نرتدي عباءات كثيرة كل عباءة فيها شخصيات مغايرة، في البداية علىنا مواجهة هذا النفاق، فنحن ننافق على أكثر من مستوى، العائلات العربية فيها كثير من النفاق، ثمة كثير من الجوانب السرية في من نعيش معهم، حتى العلاقات الاجتماعية والسياسية والعاطفية والجنسية تعاني من هذا النفاق، المرأة تتوهم أنها تحب ولكنها ليست كذلك بل هي تبحث عن الزواج، تدّعي أنها تستمتع في علاقة جنسية وهي ليست كذلك ولكنها ترضي غرور الرجل، كل دوائر النفاق هذه مبنية على دوائر الخوف العربي.

القنوات الخلاعية الغنائية التي أفسدت الأمة العربية يمولها أشخاص هم أنفسهم يمولون القنوات الدينية!! هل تدرك حجم النفاق الموجود لدينا، اليابانيون ينتحرون حين يصابون بوعكة شرف، أما نحن فأذلاء وأحياء، لأننا نعتقد أننا نساوي ما في جيوبنا، لقد طبّعنا مع الإهانة بشكل مخيف، لقد تواضعت أحلامنا إلى درجة أن يكون حلم الشاب أن يغني في برنامج غنائي، أرادوا لنا أن نستبدل ثقافة الموت والانتحار بثقافة الحياة ولكن هذه ليست ثقافة حياة.

بما أنكِ قضيت سنوات في فرنسا وعايشت المجتمعات الغربية والعربية، هل رأيتِ أن مفردة الحب في الوطن العربي تختلف عنها في الغرب؟


لا الأمر مختلف، فالكلمة مثلاُ في أمريكا لا تعني شيئاً، لأنها تكرر كثيراً، المواطن الأمريكي يكررها كثيراً حتى فقدت معناها، في فرنسا الأمر مختلف أيضاً لأنها تقال بطريقة أقل، ولذلك فلها معنى ما نسبياً، ولكن الحب مختلف لدينا، فالحب هناك هو معاشرة وارتضاء طرفين ببعضهما، ولكنها في العالم العربي كلمة لها رصيد عاطفي في اللا شعور العربي، كلمة من الممكن أن يموت الشخص من جرّاءها، ونحن الأمة الوحيدة التي من الممكن أن تموت بسبب هذه الكلمة، فهي تعني معناها، وما زال لها وزن لأننا نحتفي بها، ولكني أسأل إلى أي مدى، خصوصاً مع تداولها بطرق غريبة وليست ذات معنى، ومثال على ذلك الرسائل على القنوات الفضائية، وهذا أفقدها قيمتها.

وفيكتور هيجو قال كلمة أحبك لا تعني معناها إلا في المرة الأولى الآن جزء من مأساتنا أن اللغة نفسها لم تعد لغة، وهذه اللغة هي لغتنا المستقبلية، وهذا الأمر خطير.

الكاتبة الروائية أحلام مستغانمي تتحدث في هذا الحوار عن جسدها، عن أجساد شخصيات رواياتها، وعن أجسادنا في العالم العربي، تؤكد على أن الكاتب يتعرّى بالنيابة عن الآخرين، ولكن علىه دائماً أن يبقي ثوباً خفيفاً من الوهم لدى الكتابة، وعليه أن يشرك القارئ في التوهم.

وتوضح مستغانمي أن ما يحدث الآن في الرواية العربية من الكتابة بتحرر شديد هو أمر غريب والمشكلة أن لا أحد يحاسب أحداً...



من الارشيف

30 views0 comments
bottom of page