top of page

سِرُ الوردة




" لو حَظِيتُ بوردةٍ واحدةٍ

عن كل مرة فَكرتُ فيكِ

لتمكنتُ من المشي إلى الأبد في حديقتي ".

( الفريد تنيسون )

" الأجمل بين كل الورود

وردة الحرية ".

(يوهان فيخارت)



سِرُ الوردة


لتدوين تاريخ بشفافية البتلات

وضوع برهافة نسمات الأريج و تمايل الأفنان

لصياغة كريم دُررها

من عبق النور

ونسج خيوط مَخملها

من ألق الندى

يسقي المؤرخ أصابعَه

من شذاها طيبَ البلسم ووميض اللون

ويقطفٌ

من إشراقة بسمتها

ما تيّسر من رونق ربيعها

لرسم لوحةٍ بألوان شالها ودفء شتائها

يرشف الفنانُ من الكون

برقة الفرشاة

وطلاوة أزرق البحر

وتلاوين الغيم لطلتها

من لوحة احلامه

لري نسغها بعذب انفاس الماء الرقراق

تنقط حارسة الورد

رضابَ البراعم

بنور الصباح

يرصد اليراعُ في حاشية ذاكرتها قائمةً بزوارها في نهارات العصافير

وفي ليلِ كائنات تومضُ تحت رفرفة اجنحة الفراشات

تحمل الريح

على اكفها الشفافة

ماتيسر التقاطه

من صُوَاح

إلى كؤوس الوردة

حتى اشراقة البرعم

لمذاق عسل النحلات

اللواتي يمتحن

من كؤوسها رحيقه

لمداواة انينها

وعذابات ايامها

تحت عصف الريح

ولَهيب الشمس

والقُرُّ القارس يهز كيانها

لرصد ولاداتها وقطفها

وتنقلها بين التربة والأصص الرخيصة والباذخة

لصحوها وموتها

في صرخة الولادة وتنهيدة الفراق السرمدي

وفي الفرح والترح

لمداواة قلب مُغتَم

وفؤاد تفتتت نياطه شظايا

بألم بارح أو عشق عصي

لسهرها تحت وسادة عاشقة

او بين اضلع كتاب أثير

لوداعها الراحلين

تحت الأرض ومعانقي السحب والغارقين

في قيعان اللانهاية

لشفيف رداء يلفها

في هدايا العشاق

واناقة تدثرها

بين يدي العروس

سِجِلّ ثقيل يشبه قرونا من الأعوام

لن تكفي سنديانة الغابة لتدوينه

ولن تبقى قطرة

في الدَواة لكتابته

ينام المؤرخ ويحلم بقوافل من الورد

تعبر التاريخ

وتلون الأرض

سلالها أطفال بلون القزح

وافقها نساء مجللات بنور البهجة ونيران الثورة لدفء القلب .

-----

حاشية دونها التاريخ

حين غفى القلم :

منذ مائة وخمسين مليونا

من الأعوام ولدت الوردة.

وهي اليوم تشكل تسعين في المائة من النباتات الحية.

في نهاية القرن

التاسع عشر

كتب ( شارلز داروين ) لصديقه بامتعاض

بأنه( يتعثر على لغز بَغِيض)

وقصد عدم تمكنه

من معرفة سبب ظهور النباتات ذات الزهور

على سطح الأرض .

اي كيف استوطنت الورود واصبحت

بمختلف اشكالها

في سلالة جديدة

بعد اختفاء

السلالات الأخرى؟

في كتابه المتفرد والمميز ومن خلال تقدم علم الجينات وبيولوجيا الخلية -

وهو مالم يتوفر لداروين في عصره -

استطاع عالم النباتات والباحث

(فرانسوا بارسي)

وفريقه العلمي

رصد تاريخ الزهرة

اي بالنتيجة تاريخ الوردة التي نعرفها اليوم .

توصل العلماء الى ان :

( الوردة موجودة لأنها موجودة )

كما الآلهة ذات الالغاز والأسرار

التي يحب الإنسان

فيها غموضها

وكما وسم الإنسان

الكون بمسمياته

اطاعته الوردة

في خلق لغات ودلالات لكل صنف ولون منها.


19 views0 comments
bottom of page